تنظيم الملف الطبي الإلكتروني وحماية بياناته

في إطار تطوير القطاع الصحي والخدمات الصحية

خليل خيرالله – أستاذ جامعي

 

بحلول منتصف القرن التاسع عشر كان معظم أطباء العالم يدونون بيانات مرضاهم وملاحظاتهم في شكل مجلدات سنوية. وفي مطلع القرن العشرين ظهرت في المستشفيات فكرة إنشاء قسم خاص لحفظ الملفات الطبية. وقد تضمنت ملفات المرضى ما تم إجراؤه من أعمال طبية بشكل مجموعة أوراق عليها ملاحظات بخط اليد، حتى حدثت في الأربعين سنة الأخيرة تطورات هائلة في تكنولوجيا المعلومات مكنت الجسم الطبي بالتعاون مع متخصصي تكنولوجيا المعلومات من تصميم سجلات طبية الكترونية تعتمد على الكومبيوتر بكل إمكانياته المتطورة من جمع البيانات الطبية وتخزينها ومعالجتها الى نقل بياناتها عن طريق شبكات المعلومات ووسائل الاتصال وتزويد الأطباء والباحثين بما يحتاجونه منها في عملهم.

 

إن التطور الحاصل في مكننة البيانات الطبية يدخلنا في عصر جديد من الامكانيات التي تقدمها التكنولوجيا على صعيد إدارة صحة المريض. وهكذا فإن دولا عديدة تعمل على مشاريع تمكّن المريض نفسه من الدخول الى ملفه الطبي عبر الإنترنت، من إية بقعة من الارض وجد فيها، مستخدما كلمة مرور سرية. وقد إصبح متاحا اليوم دخول الاطباء الى الملف الطبي للمريض في المستشفى عبر الانترنت. وهنالك مشاريع لربط مستشفيات ببعضها في منطقة معينة او عبر الدول، وأيضا ربط الملفات الطبية بمراكز طب الطوارىء وجعلها بمتناول أطباء الطوارىء.

 

إن لبنان لم يكن يوما بمنأى عن هذا التطور، ودخول القطاع الطبي في العالم الرقمي يطرح مسائل تتطلب توضيحا وحلولا على المستوى التقني كما على المستوى القانوني. فما هو مدى قدرة الانظمة الجديدة ودقة إمكانياتها ومصداقية بياناتها؟ كيف يتم ضبط وتحديد هوية من يدخل الى وثائق الملف طالما أن الجهات الممكن دخولها متعددة؟ ما هي حقوق المريض في حماية بياناته الطبية الشخصية  المعرضة للإنكشاف وللاستثمارات المتعددة؟

 

سوف يتم التركيز في هذا البحث على مسألة تطوير القطاع الصحي لجهة تنظيم السجل الطبي الالكتروني بكامل بياناته ( أولا) ثم على مسألة حماية الحياة الخاصة للمريض (ثانيا)

 

أولا: تنظيم الملف الطبي الإلكتروني.

 

التنظيم الالكتروني للصحة هو تطبيق التطور التقني والمعلوماتي في الحقل الطبي. والتطبيقات الاساسية للمعلوماتية الطبية تجد نفسها أولا في الملف الطبي الالكتروني الذي أصبح اعتماده إلزاميا في العديد من الدول، وهو أحد الشروط الهامة لتطوير القطاع الصحي والخدمات الصحية، كونه السجل الذي يحوي المعلومات الشخصية الطبية الحساسة التي تتعلق بالمريض والتي تقتضي حمايته.

 

فرض قانون الاداب الطبية اللبناني رقم 288 تاريخ 22/2/1994 المعدل بالقانون رقم 240 تاريخ 22 تشرين الاول 2012  وقانون حقوق المرضى والموافقة المستنيرة رقم 574 تاريخ 11/2/2004 إلزامية تنظيم الملفات الطبية للمرضى دون أن يلحظا وجوب تنظيمه إلكترونيا، بعكس قانون الفحوصات الجينية البشرية رقم 625 تاريخ 20/11/2004 الذي نظم في مواده من 21 حتى 24 حفظ نتائج مختبرات الحمض النووي وإدراجها في شبكة معلوماتية، نظراً لطبيعة هذه الفحوصات المعقدة وخطورتها وسريتها ومنعت اي اطلاع عام او خاص عليها يسمح بمعرفة هوية الشخص صاحب السجل.. وقد احالت هذه النصوص طريقة حفظ الملف الى القواعد المنصوص عليها في المواد 7 و 29 من قانون الآداب الطبية

 

وقد نصت المادة 29 من قانون الاداب الطبية رقم 288 على موجب كل طبيب أن يحفظ ملفا طبيا لكل من مرضاه في عيادته، يكون مسؤولا عن المحافظة عليه، وفي المستشفى تحت مسؤولية رئيس القسم..

 

أما المادة 16 من قانون حقوق المرضى والموافقة المستنيرة رقم 574 فقد نصت على " أن الملف الطبي الذي يفتح إلزاميا لكل مريض خاضع للاستشفاء في مؤسسة صحية، يحتوي على الوثائق الموضوعة لدى إدخاله المستشفى من خلال إقامته فيها. وهذه الثائق هي تحديدا: بطاقة التعريف بالمريض والثيقة الاصلية التي تبين سبب إدخاله المستشفى، ونتائج الفحوصات السريرية والكشوفات، وبطاقة البنج، وتقارير العمليات الجراحية أو الولادة، والوصفات العلاجية، وتقرير .(Evolution) وتقارير المتابعة اليومية (antecedent) حول تاريخ المريض الصحي

كذلك يتضمن الملف الطبي الوثائق الموضوعة في نهاية كل إقامة في المستشفى، وهي التالية: تقرير الاستشفاء مع التشخيص لدى إخراج المريض من المستشفى، والوصفات المعطاة لدى خروجه". وتضيف المادة 2 من نفس القانون الى هذه الوثائق في الملف الطبي، الحديث الذي أجراه الطبيب مع المريض حول طبيعة علاجه واقتراح العملية الجراحية التي تنطوي على مخاطر..

 

اما الاشخاص المعنيون بتطبيق المعلوماتية في الحقل الطبي وباستثمارالملف الطبي فهم، بالاضافة للمريض، اطباء المستشفيات والاطباء بشكل عام والممرضات ومختبرات التحليلات الطبية كافة ومراكز الابحاث الطبية الخ ... كما يشمل الاداريين في المستشفيات وشركات الضمان ومؤسسات تمويل الانظمة الصحية  وادارة الدورات الرياضية (اول تنظيم الكتروني للملفات الطبية في الالعاب الاولمبية تمّ في الدورة الاولمبية الخاصة في ايرلندا سنة 2003 وشمل 7000 رياضي  مشترك ، جهزت ملفاتهم الطبية فكانت حاضرة الكترونياً في شبكة انترانت  قرب الملاعب..[1] وارباب العمل ،ومؤسسات التربية التي تملك سجلات صحية عن الطلاب لديها ورجال القانون..

 

وهذا التطبيق قد يتم عند مستويات متعددة ، كأن يكون ضمن عيادة الطبيب مثلاً او ضمن مستشفى معينة شاملاً كل اقسامها الصحية والعاملين فيها، من الجسم الطبي الى الادارة، او ضمن مدينة معينة (مركز التخطيط والجودة للخدمات الطبية في مدينة دبي الطبية ويعنى بتأسيس نظام طبي متكامل في المدينة) ، او قد يشمل قطاعات معينة ضمن الدولة كأن يصل المستشفيات بالصندوق الوطني للضمان الاجتماعي (مشروع قيد التنفيذ في لبنان ) او قد يشمل كامل اراضي دولة معينة ومثال ذلك عندما اطلقت الادارة الاميركية في شباط 2005 مشروع خلق شبكة على مدى البلاد للسجلات الصحية الالكترونية (EHR) في خلال عشر سنوات، او عندما اطلقت انكلترا منذ العام 2002 برنامجاً وطنياً عشرياً يختص بتقنيات المعلومات في الحقل الطبي ، او قد يشمل العالم كما اعلنت مايكروسوفت اخيراً خططها لموقع الـ Health Vault website وهو خدمة جديدة لتخزين وادارة والحصول على معلومات المرضى الطبية[2] ويعمل كخدمة مشفرة على الشبكة تقدم امكانية جمع بيانات السجلات الطبية من مصادر متعددة كشركات التأمين ومقدمي الخدمات الصحية ومن بعض الاجهزة الطبية ( كأجهزة قياس ضغط الدم مثلا) . وتنوي google ايضا" تقديم خدمة مشابهة .

 

ويستعين الاطباء في استخدامهم للتكنولوجيا الجديدة بانظمة تتجدد دوما كي تلائم احدث المعايير التي تضعها التشريعات العالمية او الوطنية وتسمح، ليس بادارة وتحليل المعطيات الصحية فقط، بل بادارة كل ما يتعلق بالعيادة او المستشفى: من الاستشفاء حتى الدفع والضمان ومواعيد الزيارات والاحصاءات والمؤتمرات والتواصل مع الاطباء والمساعدة على اخذ القرار والتزويد بالمعلومات والابحاث ونقل البيانات واسترجاعها عبر الانترنت والانترانت بشكل آمن الخ.. وفي هذا الكثير من الفعالية وكسب الوقت والاقتصاد في المال والجهد.

 

والميزات التي تقدمها هذه الانظمة تمثل قمة ما وصلت اليه تكنولوجيا المعلومات، إذ تتنافس الشركات على تقديم الافضل، كما تتطابق واحدث المعايير القانونية الموضوعة لجهة سهولة معالجة البيانات وادارتها وأمنها

 

ومع هذه الامكانيات المتاحة والقدرة على تبادل المعلومات ، خاصة بين افراد الفريق الطبي المتعدد الاختصاصات، فان الاطباء يلمسون الحاجة المتزايدة الى الخروج من عزلتهم والاتصال فيما بينهم وتبادل المعلومات الموثقة بغية تأمين افضل علاج لمريضهم وهذه المعلومات هي غالبا معطيات اسمية او، على الاقل، تقدم إمكانية كشف هوية المريض بشكل مباشر أو غير مباشر مما يمكن معه اعتبارها معلومات حساسة[3] بل شديدة الحساسية تطرح، اول ما تطرحه، مسألة حمايتها من مخاطر متعددة حفاظا" على حقوق المريض وهذا يشكل موجبا على عاتق الطبيب.

 

 

 

 

ثانيا" : مخاطر استخدام المعلوماتية وحماية البيانات الشخصية الحساسة.

 

ان جمع وتخزين ومعالجة وتعديل ونشر وتبادل وكشف المعلومات الطبية الشخصية والغاءها او استثمارها في وثائق بنوك المعلومات يجب ان يتم في ضوء احترام قواعد القانون، وأولها السرية المهنية وتشمل سرية المراسلات.

 

وللمريض الحق بسرية المعلومات المتعلقة به، ولا يمكن كشفها للاخرين الا باذن او طلب منه، اذا كان واعياً، كما لا يمكن جمع او كشف معلومات تتصل بالتعريف يهويته الشخصية أي بحياته الخاصة أو العائلية وأصوله العرقية وآرائه السياسية او الدينية او انتمائه النقابي او عاداته ورقم هاتفه وارقام حساباته او رقم الضمان وذلك دون اذن صريح منه، ولا يمكن ايضاً جمعها ونقلها بطرق احتيالية وغير شرعية رغما عن ارادته.

 

ولذلك ، فان استخدام التطور المعلوماتي ، اجهزة وانظمة ، للقيام بهذه العمليات ، قد يعرض المريض للاخطار وخصوصيته للانتهاك ويرتب بالتالي عواقب قانونية يسأل عنها المهني. هذه المخاطر تتناول صحة المعلومات وسلامتها كما قد تتناول خصوصيتها 0 وتأتي حمايتها عن طريق تطوير الاجهزة او تطوير الانظمة تطبيقاً للقواعد القانونية او للتوجيهات التنظيمية في ادارة المعلومات.

 

ونقصد بالاجهزة هنا كل وسائط جمع المعلومات ومعالجتها ونقلها وتشمل الانترانت والانترنت واجهزة الكومبيوتر على اختلاق انواعها واجهزة الخليوي والبلوتوث واجهزة الاتصاال على اختلافها وكل اجهزة نقل او استقبال المعلومات  ومنها ما يتم عن بعد مثل wireless Medical Telemetry system WMTS)) ويعطي هذا الجهاز امكانية طلب الفحوصات الطبية والحصول على نتائجها عن بعد . كل هذه الاجهزة دخلت في الاستعمال الطبي بين الاطباء وفي المستشفيات وهي من جهة، زادت في الانتاجية والفعالية وقللت الاخطاء لكنها، من جهة أخرى، شكلت قلقا" للمريض من امكانية تعطلها، بسبب فشل في الجهاز أو فيروس سبب خسارة المعلومات، او العبث بمحتواها عبر دخول غير مأذون أو سرقة الأجهزة أو الملفات[4]، وعرضته لمخاطر عديدة ، اهمها تهديد المس بحياته الخاصة والشعور ان الجميع يستطيعون الوصول الى معلوماته الخاصة واغتصاب هويته .. وهذه المخاطر تتطلب تدابير امنية ومعايير قانونية للحماية منها

 

ان تطور المعلوماتية طوّر الاطار القانوني للتبادلات الالكترونية. وتأتي الحماية القانونية للبيانات الصحية، اساساً، من النصوص العامة في القانون الداخلي والدولي ، ومن المعايير  الحقوقية التي وضعتها الدول وتدارستها المؤتمرات العالمية (تولوز 2006 مثلاً ) لتنظيم النشاط الالكتروني، ونستطيع ان نقدم لمحة مختصرة جدا عن التشريع في بعض الدول.

 

في لبـنان :

لا قوانين خاصة او انظمة تتعلق بحماية السجلات الطبية والبيانات الالكترونية وانما مبادىء عامة تضمنتها النصوص التالية :

-        المادة 7 من قانون الاداب الطبية رقم 288 تاريخ 22/2/1994 المعدل بالقانون رقم 240 تاريخ 22 تشرين الاول 2012، نص على ان السر المهني المفروض على الطبيب والجسم الطبي المساعد هو من الانتظام العام، ويعفى منه في حالات استثنائية كالامراض المعدية... علما ان هذا الموجب قد انتقل من كونه سراً طبياً ليصبح سرا معلوماتيا يبدأ من جمع المعلومة الى استثمارها على الشبكة سواء من قبل الجسم الطبي او الجهات الملكفة بخزنها ونقلها واستثمارها .

 

-        المادة 29 من نفس القانون نصت على موجب حفظ الملف الطبي في عيادة المريض وفي المستشفى تحت مسؤولية رئيس القسم وعدم جواز تسليمه الاّ للمريض او لمن يمثله قانونا بموجب توكيل يفوضه صراحة بذلك، أو للاطباء المعالجين والباحثين او الى شخص ثالث ملزم بالسرية المهنية. ويحق للطبيب المعالج او الباحث الاستفادة من الملفات الطبية الواقعة تحت مسؤوليته لخدمة التطور العلمي شرط عدم كشف اسماء مرضاه وشرط المحافظة على السرية المهنية ... ويحق للقاضي المحقق أو للشرطة القضائية القيام بتفتيش عيادة الطبيب أو قسم طبي ووضع اليد على مستندات طبية وبحضوره وبحضور أحدأعضاء مجلس النقابة. ولا يحق عندئذ للطبيب أن يعارض إجراءات التفتيش. وللسلطات القضائية والصحية ولنقابة الاطباء الحصول على نسخة عن أي ملف طبي يكون موضع شكوى وتحقيق.

 

كما نص البند 9 من نفس المادة أن على الاطباء والمؤسسات الصحية حفظ الملفات الطبية مدة عشر سنوات على الاقل إلا أذا اقتضت مصلحة المريض تمديد هذه المهلة.

 

-        اما المادة 579 من قانون العقوبات اللبناني فتنص على معاقبة من يكشف دون وجه حق سراً وصل الى علمه بحكم مهنته او فنه او يستعمله لمنفعة شخصية او لمنفعة الغير..

 

-        والمادة 264 بند 1 أصول المحاكمات المدنية مرسوم تشريعي رقم 90 تاريخ 16/9/1983 تنص على عدم وجوب كشف معلومات او وقائع وصلت الى علم المحامي او الطبيب ...اثناء ممارسته لمهنته.

 

-        اما المواد 8 و12 حتى 17 من قانون حقوق المرضى والموافقة المستنيرة رقم 574 تاريخ 11 شباط 2004 فتتناول الحق في احترام الحياة الشخصية وسرية المعلومات المتعلقة بالمريض واقتصار المعلومات المعطاة للمؤسسات الضامنة على المعلومات الضرورية كي تسدد التكاليف الطبية ، وحق حصول عائلة المريض المتوقعة وفاته على المعلومات الضرورية وبعد وفاته على حق الاطلاع على ملفه لمعرفة اسباب وفاته..

 

-        اما المواد 21 و 23 و 24 من قانون الفحوصات الجينية البشرية رقم 625 تاريخ 20/11/2004 فقد نظمت حفظ نتائج مختبرات الـ DNA وادراجها في شبكة معلوماتية، نظراً لطبيعة هذه الفحوصات المعقدة وخطورتها وسريتها (مادة 7) ومنعت اي اطلاع عام او خاص عليها يسمح بمعرفة هوية الشخص صاحب السجل.. وقد احالت هذه النصوص طريقة حفظ الملف الى القواعد المنصوص عليها في المواد 7 و 29 من قانون الآداب الطبية 0

 

وهكذا نرى ان لا تفاصيل قانونية تخص النشاط المعلوماتي او السجلات والبيانات الالكترونية الصحية الا فيما خص مختبرات DNA، وبشكل عام ، اذ ان أمره متروك للمؤسسات الصحية بحسب تطورها وتطبيقها للمعايير الدولية.

 

في اميـركـا :

اشهر القوانين: قانون فدرالي يضع معايير خصوصية المريض في 50 ولاية The federal Health insurance portability and accountability Act HIPAA)) وضع موضع التنفيذ بتاريخ 14 نيسان 2003 ويطبق على السجلات الطبية التي يحفظها ويديرها المجهزون والمؤسسات المختصة ، والخطط الصحية والمقاصة الصحية اذا كانت وثائقها الكترونية. وباختصار هو ينظم عملية جمع وادارة وبث المعلومات الطبية الممكننة وحق المريض في الدخول الى سجلاته الخاصة. لكنه ليس شاملا، وتبقى مساحة واسعة من الانشطة بحاجة لتوجهات تضمن الحماية. وأول قضية نظرت فيها وزارة العدل تطبيقا لـ HIPAA كانت سنة 2007 بدعوى سرقة سجلات طبية الكترونية تتعلق بـ 1130 مريض في عيادة كليفلاند حيث عمد احد العاملين في المؤسسة الى سرقة وبيع الملفات لمنظمة اجرامية حصلت بفعلها على 7 ملايين دولار من التأمين المرضي Medicare

 

أما قانون إعادة إصلاح النظام الصحي الاميريكي للعام 2009 فقد أولى الملف الطبي الالكتروني اهتماما خاصا ونظم حماية معلوماته وطريقة استخدامها من سائر أطراف العلاقة الطبية وأعطى المريض صلاحيات كثيرة كحقوق أساسية له، وأشركه باتخاذ القرار وجعله محور العلاج، وأجبر جميع مستخدمي المعلومات الصحية على تبادلها الكترونيا، ونظم حمايتها وطريقة استخدامها من سائر أطراف العلاقة الطبية وأعطى المريض صلاحيات كثيرة كحقوق أساسية له وأشركه باتخاذ القرار وجعله محور العلاج.

 

في كنـدا :

قانون حول حماية البيانات الشخصية والوثائق الالكترونية وهو قانون نموذج للجمعية الكندية للمعايير.

 

 

 

في اوروبا :

توجيهات البرلمان الاوروبي وتوصياته (خاصة توصية 24 تشرين الاول 1995) حول حماية الاشخاص بموضوع معالجة المعلومات ذات الطابع الشخصي وحرية نقل المعطيات، بما فيها المعلومات الطبية والوراثية، كما صرح بذلك مجلس الوزراء الاوروبي عام 1977، وهذه التوصية جرى تعديلها بموجب التوجيه رقم 58 عام2002 حول الحياة الخاصة والاتصالات الالكترونية، ثم بالتوجيه رقم 24 عام2006 حول حفظ البيانات..

 

في فرنسا :

تناول المرسوم رقم 960-2007 تاريخ 15 أيار 2007[5] تدابير ومعايير سرية المعلومات الطبية المحفوظة الكترونيا أو المنقولة عبر الطرق الالكترونية.

 

ونص قانون المعلوماتية والحريات[6] في مادته 38 و 39 على حق الدخول الى المعطيات الطبية الشخصية وحق اعتراض المريض، على تبادل المعلومات الخاصة به لاسباب قانونية. ونصت المادة 1110-4 بند 3 من قانون الصحة العامة[7] على أن المريض الموجود بعناية الفريق الطبي في مؤسسة صحية، تكون المعلومات التي تخصه، وبإرادته، بعهدة مجموع الفريق وكذلك إذا تعلق الامر بمجموعة معالجين في عيادة أو مركز طبي.. وتنص هذه المادة على دور القضاء والهيئة الوطنية للمعلوماتية والحريات CNIL في التدابير المتعلقة بضمان سرية المعلومات الطبية وعقوبات مخالفتها.

 

ويبقى رضى المريض مطلوبا قانونا وبشكل صريح عند تخزين المعلومات واستضافتها hébergement بحسب المادة 1111-8 بند 1 من قانون الصحة العامة.

 

ومن ثوابت اللجنة الوطنية للمعلوماتية والحريات CNIL أن اقتسام معلومات المريض الطبية عبر الانترنت لغاية تنسيق المعالجة مشروط بموافقته الصريحة المسبقة.

 

أما لجهة معايير الحماية القانونية للبيانات الصحية، بشكل عام، وتطبيقا" للنصوص القانونية والتنظيمية لحماية خصوصية البيانات الالكترونية الصحية فقد تاسست في الغرب وخاصة في شمال اميركا مؤسسات  تجهّز وتدير السجلات الطبية الالكترونية وانظمة وبرامج معلوماتية تتيح معالجة وادارة المعلومات الصحية الكترونيا معتمدة سياسات ومعايير حمائية مستمدة من القوانين والانظمة ومن الخبرة التقنية.

 

كما عمدت المستشفيات والمراكز الطبية ومراكز الامراض المعدية الى تطبيق مبادىء الحماية القانونية للحياة الخاصة بدءا من اصدار اعلان تلتزم تطبيقه يتضمن كيف يتم جمع وتحليل وحفظ البيانات الصحية الشخصية وتعيين من يقوم بذلك من جهاز العاملين في المركز ومدى مسوؤليتهم ، وبيان تفاصيل الممارسات وكامل حقوق المريض وما يمكنها أو يمتنع عليها نشره او مشاركة غيرها به دون اذن المريض ولمن وكيف وما هي البيانات الطبية المحمية قانونا او غير المحمية وحق دخول الشخص الى معلوماته ومراقبتها والتأكد من سلامتها وتعد يلها والحصول على بيان بما نشر منها ولأية اغراض مع حق المطالبة بحمايات أشد لخصوصية بياناته..

وللأمن، في العصر الالكتروني، والذي يعني معالجة وتخزين ونقل واستخدام المعلومات بشكل آمن، مظاهر جوهرية ثلاث:

 

-        المحافظة على سرية المعلومة وكتمانها (La confidentialité) : وتعني منع وصول اشخاص غير مأذون لهم الى المعلومات التي تعين هوية المريض. وتحكم هذه السرية القوانين والانظمة ووسيلة حمايتها  الافعل هي الترميز والتوقيع الالكتروني والتعريف بالمستخدم بمختلف الطرق والية تنظم السماح بالدخول. ويتطلب كتمان المعلومات المسؤولية عن حفظها وتحديد اهداف جمعها واستخدامها ونشرها وحفظها بشفافية، وبموافقة الافراد على ذلك، ودقة هذه المعلومات وتيويمها وتدابير حمايتها وحق الافراد بالدخول اليها وبالاعتراض وبالادعاء عند المخالفات.

-        سلامة المعلومات (L’intégrité) وتعني ان تكون المعلومة كاملة وان يمنع تعديلها او اختفاءها. ويحصل ذلك مثلاً، عندما يلاحظ الطبيب ان الجهاز توقف بعطل لمدة طويلة او ان معلومات قد فقدت او امحت مما يسبب اخطاء طبية، لكنه يسمح بتعديل بعض البيانات إذا تبين عدم صحتها أو إذا تغيرت، وذلك بموافقة المريض والطبيب.

-        قابلية الوصول الى المعلومات (L’accessibilité) : وتعني ضمان الوصول الى معلومات محققة وذلك بموافقة المريض منذ دخوله0 اما استعمالها خارج الاهداف الطبية او للابحاث الطبية فهو يتطلب موافقة واضحة الاّ اذا سمح القانون بذلك (تسجيلات الامراض المعدية000) ويتم الدخول الى المعلومات الالكترونية عبر الترميز او التوقيع الالكتروني وتعريف المستخدم وان يسمح بالدخول.

-         

 

وتتلخص التحديات التي تواجهها نظم السجلات الطبية في خمسة نقاط اساسية وهي:

 

1-           حاجة المستخدمين من اطباء ومتخصصين في الرعاية الصحية، الى المعلومات0 وهي احدى دوافع تطوير النظم ، وقد أثبتت التجربة ان النظم الناجحة تم تطويرها على يد، أو بمساعدة أطباء ومتخصصين في الرعاية الصحية، حيث يوفر التقارب بين مطوري تلك النظم وبين الاطباء والمتخصصين فهما اعمق وادراكا اشمل لما تحتاجه عملية تقديم الرعاية الطبية لجهة طبيعة المعلومات وكيفية استخدامها.

2-           سهولة الاستخدام ، وهي ايضا احدى اهم المقومات التي تساعد الاطباء والمتخصصين على استخدام نظم المعلومات دون معوقات، ويجب على مطوري النظم اخذ عدة نقاط في الاعتبار اهمها طبيعة الاطباء وحاجاتهم والفرق بينهم وبين محترفي العمل على الكمبيوتر.

3-           المعايير، وهي من أهم التحديات التي تواجه عملية تطوير نظم المعلومات الطبية- كما ذكرنا سابقا- فهي تساعد على زيادة الدقة والتكامل بين مختلف المؤسسات وتقلل من الاخطاء والتكاليف وترفع من قيمة البحث العلمي وتزيد من تكامل جهود التطوير واستثماراته.

4-           التحديات الاجتماعية والقانونية، وهي تحديات تتعلق بمدى خصوصية وأمن المعلومات الطبية الالكترونية، فكما زادت سهولة الوصول الى تلك المعلومات زادت اهمية انشاء المزيد من قواعد الامن والخصوصية التي تحكم علمية استخدام المعلومات وحق الاطلاع عليها.

5-           التكاليف مقابل المميزات، وهي أهم التحديات الاقتصادية امام صناعة نظم السجلات الطبية الالكترونية، فكلما زادت الخواص والمميزات المطلوبة زادت في المقابل تكاليف انتاجها وتوفيرها، ومن الضروري ان نصل الى توازن مناسب بينها.

إن الملف الطبي، الورقي والالكتروني، الدقيق والمنظم حسب الاصول، هو أداة الإدارة الطبية الأكثر فعالية والموضوعة يوميا بتصرف الأطباء بجميع اختصاصاتهم، لمصلحتهم ومصلحة مرضاهم، لأنه يحسّن ويدعم أداءهم الطبي. ويشكّل أيضا وثيقة قانونية تصف بالتفصيل جميع الأعمال الطبية كما الإدارية التي يقوم بها الطبيب أثناء علاجه لمريضه، وتستند اليها شركات التأمين لاتخاذ قراراتها دون الاعتماد على أقوال الطبيب وشروحاته.

 

يبقى ان نشير الى ضرورة تدريب مهنيي الصحة في بلادنا على استخدام صحيح لاجهزة المعلوماتية وبرامجها، ولا سيما في إدارة السجلات الطبية الالكترونية، وتوعيتهم عمليا على منافعها ومخاطرها والحقوق التي تنظم استخدامها وتحمي مستخدميها وخصوصية المعلومات الحساسة التي تحتويها. . ولا يغني ذلك أبدا عن وضع تشريع جديد وشامل للصحة العامة وحقوق المرضى، وإنشاء هيئة وطنية للمعلوماتية والحريات نظير المؤسسة الفرنسية التي تنظم وترعى شؤونها.

 

والمعلوماتية لنا ، قدر وليست خيارا...

 



[1] www.hdmp.com default main.asp?lg=fr

[2] http.//www.healthvault.com

[3]  Cf. la Directive 95/46/CE; et la loi francaise Informatique et Libertés

[4]أ CNN- أتلانتا، الولايات المتحدة الأمريكية، حزيران 2014   قالت مديرة أعمال سائق سيارات السباق الألماني، مايكل شوماخر، إن السجلات الطبية للأخير تعرضت للسرقة وعرضت للبيع.

 

[5]Décret n° 2007-960 du 15 mai 2007 relatif à la confidentialité des informations médicales conservées sur support informatique ou transmises par voie électronique et modifiant le code de la santé publique (dispositions réglementaires)

 

[6] Loi informatique et libertés codifiée par la loi nº2004-801 du 6  aout 2004 pour l'harmonization avec la directive européenne.

[7]Code de la Santé Publique, dernière modification : 1 juillet 2014